من المسؤول عن إنتهاك حقوق الطبع والنشر للذكاء الإصطناعي التوليدي

 من المسؤول عن إنتهاك حقوق الطبع والنشر للذكاء الإصطناعي ؟؟؟

في تدوينه قصيرة في نهاية العام الماضي كتب "مايكل ب. جوديير" حكاية طالب بسيطة لشرح بعض القوانين المهمة و الحديثة التي تواجه الذكاء الإصطناعي و مستخدميه مؤخرآ , حيث بدأها بالتالي  

 يأمل "شين" ، الطالب الجامعي البالغ من العمر واحدآ وعشرين عامآ ، في كتابة أغنية لحبيبته في الماضي ، كان شين ينتظر حتى يأتيه الإلهام أما الآن فبإمكانه إستخدام الذكاء الإصطناعي التوليدي ليبدأ مبكرآ , قرر شين إستخدام نظام الدردشة الذكي "كلود" من شركة "أنثروبيك" لكتابة كلمات الأغنية إمتثل نظام "كلود" بشغف وقام بتأليف كلمات أغنية حب للطالب "شين" ، و كان سعيدآ بالنتيجة حيث أضاف نوتات موسيقية وإيقاعآ وإيقاعآ و ديناميكيات غنى شين الأغنية و أعجبت بها حبيبته حتى أن شين قرر نشر تسجيل على يوتيوب ، حيث حصد 100,000 مشاهدة .

لكن شين لم يدرك أن كلمات هذه الأغنية تشبه كلمات أغنية بعنوان "Love Story" أو "قصة الحب" ، أغنية للفنان "تايلور سويفت" الناجحة عام 2008  و تعين على شين الآن التعامل مع قانون حقوق الطبع والنشر ، الذي يحمي التعبير الإبداعي الأصلي مثل الموسيقى و يمنح حق الطبع والنشر مالك الحقوق الحصرية لإعادة إنتاج العمل المحمي بحقوق الطبع و النشر وأدائه و إنشاء مشتقات منه ، من بين أمور أخرى , إذا اتخذ آخرون مثل هذه الإجراءات دون إذن من المالك ، فقد يتحملون تعويضات تصل إلى 150,000 دولار , لذا قد يتحمل شين مسؤولية عشرات الآلاف من الدولارات لنسخه أغنية سويفت .

حيث برز قانون حقوق الطبع والنشر في الأخبار في السنوات القليلة الماضية كأحد أهم التحديات القانونية لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل كلود - ليس بسبب مخرجات هذه الأدوات ولكن بسبب كيفية تدريبها تتناول أكثر من 24 قضية محكمة معلقة مسألة ما إذا كان تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي على أعمال محمية بحقوق الطبع و النشر دون تعويض أو الحصول على إذن من المبدعين قانونيآ أم لا , إن الإجابات على هذا السؤال سوف تشكل صناعة الذكاء الاصطناعي الناشئة والتي من المتوقع أن تصل قيمتها إلى 1.3 تريليون دولار بحلول عام 2032 . 

ومع ذلك ، هناك سؤال مهم آخر لم يطرحه الكثيرون ::: من يتحمل المسؤولية عندما ينتج نظام ذكاء إصطناعي توليدي مخرجات تنتهك حقوق الطبع و النشر ؟؟ هل يجب أن يكون المستخدم هو المسؤول ؟؟ طلب شين أغنية حب عادية فقط ، وليس "قصة حب" أو ما شابهها ماذا عن المزود ؟؟ أداة الذكاء الإصطناعي التوليدي ؟؟ ليس من مصلحة أنثروبيك أن ينتج نظام كلود أغنية تنتهك حقوق الطبع والنشر ، ومن المرجح أن الشركة إتخذت تدابير لتجنب المخرجات المنتهكة للحقوق .

و أقترح أن كلا الخيارين غير مرغوبه  و بدلآ من ذلك ، يجب أن يكون نظام الذكاء الإصطناعي التوليدي نفسه - كشخصية إعتبارية وهمية - هو منتهك لحقوق الطبع و النشر , كما يجب تحديدآ أي مسؤولية بشرية عن الإنتهاك على أساس مسؤولية ثانوية أكثر دقة في حين أن هذا نهج قابل للتطبيق بموجب مبدأ حقوق الطبع والنشر ، إلا أنه يشير أيضآ إلى أنه يمكننا من إعادة تصور دور الذكاء الإصطناعي على نطاق أوسع كمرتكب للجرائم ، و ذلك للإستجابة للمعضلات القانونية الفريدة التي تطرحها الأنظمة المستقلة بشكل متزايد . 


من تسبب في انتهاك الآلة لحقوق الطبع والنشر ؟؟؟ 

بعض المخرجات المولدة بواسطة الذكاء الإصطناعي التوليدي ستخالف حقوق الطبع و النشر بلا شك , وقد أظهر باحثون بمن فيهم "ماثيو ساج"  و "جيمس جريملمان"  و "تيموثي لي" ، كيف يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي إنتاج صور تنتهك محتوى محميآ بحقوق الطبع و النشر ، مثل كلب الصيد سنوبي من مسلسل "Peanuts" و بطل السباك الإيطالي "ماريو من نينتندو" ، و جدارية الفتاة ذات البالون الشهيرة لبانكسي . 

في مارس أصدرت محكمة الإنترنت في قوانغتشو بالصين أول حكم يتعلق بإنتهاك حقوق الطبع و النشر والذكاء الإصطناعي التوليدي حيث قضت بأن المخرجات المعنية تنتهك حقوق الطبع و النشر الخاصة بالبطل الخارق الياباني ألترامان , (في تلك القضية، وجدت المحكمة أن مزود ؟؟ الذكاء الاصطناعي مسؤول عن المخرجات المنتهكة) . 

كما تعد مسألة تحديد المسؤوليات أمرآ بالغ الصعوبة ، نظرآ لكون أنظمة الذكاء الاصطناعي بمثابة صناديق سوداء لا يستطيع المطورون و المستخدمون التنبؤ بدقة بمخرجات معينة أو تفسيرها  و قد رفض مكتب حقوق الطبع و النشر الأمريكي تسجيلات حقوق الطبع و النشر للأعمال التي ينتجها الذكاء الاصطناعي ، مستندآ إلى أن نظام الذكاء الاصطناعي - و ليس المطور أو المستخدم - هو من ينشئ المخرجات التعبيرية المحددة ، وذلك بسبب وجود الصندوق الأسود و بالمثل رفض مكتب براءات الإختراع و العلامات التجارية الأمريكي فكرة أن يكون نظام الذكاء الاصطناعي مخترعآ لأغراض قانون براءات الإختراع , وقد دفعت طبيعة الذكاء الاصطناعي غير القابلة للتنبؤ وشبه المستقلة العديد من المعلقين إلى إقتراح ضرورة إحداث نقلة نوعية في القانون في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي . 

كما أن هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها قانون حقوق الطبع والنشر تساؤلات شائكة حول المسؤولية في ظل التقنيات الناشئة فمن المطابع إلى محركات البحث طرحت الآلات المعقدة تساؤلات جديدة حول من يتحمل مسؤولية الانتهاكات الناتجة , في معظم الحالات عند وقوع إنتهاك ، يكون المنتهك واضحآ سواءآ كان رسام العمل الفني أو مؤلف الكتاب ، أو ناسخ الموسيقى كان هناك خطٌ واضح بين المنتهك و الإنتهاك في قضايا الإنتهاك الجسدي هذه كانت هوية المنتهك أمرآ مفروغآ منه لأن الإنتهاك وقع بيد الشخص نفسه . 

و مع إزدياد تعقيد الآلات ، تورطت أطراف متعددة في نسخ الأعمال المحمية بحقوق الطبع و النشر ، مما خالف هذا الفهم المباشر للمسؤولية على سبيل المثال ، كان نشر محتوى منتهكآ لحقوق الطبع و النشر على الإنترنت يشمل المستخدم الذي نشر المحتوى ، و مزود خدمة الإنترنت الخاص به ، و الموقع الإلكتروني الذي نشر عليه ، و مزود خدمة الإنترنت لذلك الموقع يتطلب جهاز تسجيل الفيديو الرقمي عن بعد لتسجيل البرامج التلفزيونية كلآ من النظام الذي يسهل التسجيل و المستخدم الذي يختار البرنامج المحدد لمشاهدته لاحقآ , و في هذه القضايا وغيرها من قضايا الإنتهاك الميكانيكي ، أدخلت المحاكم مصطلحآ جديدآ في قانون حقوق الطبع و النشر :: الإرادة تسأل الإرادة من أراد أو تسبب في حدوث الإنتهاك - أو كما وصفته إحدى المحاكم ، "من ضغط الزر فعليآ ؟؟ " على الرغم من أن الإرادة كانت دائمآ جزءآ من قانون حقوق الطبع والنشر في الخلفية ، إلا أن المحاكم إضطرت إلى إبرازها لمعالجة تعقيدات الإنتهاك الميكانيكي بمساعدة الإرادة و قررت المحاكم في كلا المثالين أن المستخدم هو المنتهك لأنه - وليس مزود الخدمة - تسبب في حدوث الإنتهاك . 


المستخدمون أم المطورون ؟؟

أقترح أن الإنتهاك المرتكب من خلال الذكاء الإصطناعي المولد - والذي أطلق عليه إسم الإنتهاك الإصطناعي - هو مجرد المرحلة الثالثة في تطور المسؤولية يمكن للمحاكم إستخدام شرط الإرادة الذي ساعدها في حل تحديات المسؤولية المتعلقة بالإنتهاك الميكانيكي ، لتحديد من يتحمل المسؤولية عن الإنتهاكات المولَدة بواسطة الذكاء الاصطناعي أيضآ .

كما أن هناك سيناريوهات يبدو فيها من المرجَح إلى حد كبير أن يكون المستخدم أو المطور هو من تسبب في إنتهاك نظام الذكاء الإصطناعي و ربما حاول المستخدمون تحديدآ جعل نظام الذكاء الإصطناعي يولد مخرجات منتهكة ، أو حتى إنخرطوا في تعلم آلي معاد يهدف إلى التحايل على ضمانات النظام ضد الإنتهاك و من المحتمل أيضا أن يكون مطور نظام الذكاء الإصطناعي قد قدم نظامآ يكاد يكون من المؤكد إنتهاكه في معظم الأحيان ، إما بسبب سوء النية أو سوء التصميم .

و لكن في معظم قضايا الانتهاك الاصطناعي سيكون من الصعب إثبات أن الإنسان تصرف بإرادة بشرية ينطوي إنشاء و إطلاق نظام ذكاء إصطناعي على العديد من الأفراد يسعى معظم مزودي أنظمة الذكاء الإصطناعي جاهدين للحد من حالات إنتهاك حقوق الملكية الفكرية لهذا السبب ، على سبيل المثال لا يمكنك حث بعض أنظمة الذكاء الإصطناعي التوليدية على إنشاء أعمال فنية على غرار أعمال فنانين مشهورين مثل بابلو بيكاسو أو سلفادور دالي كما أن المستخدمين عمومآ لا يقصدون إنشاء أعمال فنية منتهكة ، أو كما هو الحال مع الطالب شين ، لا يدركون متى تكون هذه الأعمال منتهكة . 


أنظمة الذكاء الاصطناعي كمنتهكة لحقوق الطبع والنشر ::---

يقترح تحليل سليم للإرادة حلآ جديدآ :: ينبغي على المحاكم إعتبار نظام الذكاء الاصطناعي كشخصية إعتبارية إصطناعية ، هو المنتهك نظام الذكاء الاصطناعي هو ما يحدد التعبير في مخرجات معينة  فبينما يوفر المطور البنية التحتية ، و المستخدم التوجيه فإن التحديد الفعلي لما إذا كان المخرج سيحتوي على محتوى منتهك يتم داخل الصندوق الأسود للذكاء الاصطناعي فإن نظام الذكاء الاصطناعي ليس بشريآ بالطبع  ولكن ليس من غير المسبوق أن يمنح القانون الشخصية القانونية لكيانات أخرى غير بشرية بما في ذلك الشركات و الحيوانات الأليفة وبالمثل يمكن للقانون أن يمنح الشخصية القانونية لنظام الذكاء الاصطناعي بحيث يمكن محاسبته على إنتهاك حقوق الطبع و النشر و هذا الافتراض القانوني سيجعل نظام الذكاء الإصطناعي المنتهك المباشر لحقوق الطبع و النشر .

و إن محاسبة نظام الذكاء الاصطناعي لا تعني عدم وجود مسؤولية على المطور أو المستخدم ، أو أن أصحاب حقوق الطبع و النشر لا يمكنهم التعويض عن الإنتهاكات بسبب إفتقار نظام الذكاء الإصطناعي للموارد المالية و يمكن للمطورين أو المستخدمين أن يتحملوا مسؤولية ثانوية عن نظام الذكاء الإصطناعي من خلال أفعالهم الخاصة غالبآ ما يحمل القانون أطرافآ أخرى مسؤولية أخطاء الآخرين على سبيل المثال يتحمل أصحاب العمل مسؤولية أفعال موظفيهم في مجال عملهم و يتحمل مزودو الخدمات الإلكترونية مسؤولية إنتهاك حقوق الطبع و النشر عند علمهم بإنتهاك محدد و عدم إزالته . 


إعادة تصور مسؤولية الذكاء الاصطناعي ::---

بإعادة تصور نظام الذكاء الاصطناعي كمنتهك لحقوق الطبع و النشر ، لن تلتزم المحاكم بالقانون فحسب بل ستمكنها أيضآ من إجراء نقاش أكثر دقة حول من يتحمل المسؤولية عند إنتهاك الذكاء الإصطناعي التوليدي يحقق هذا غرض القانون بردع السلوكيات غير القانونية المتوقعة و سيعاقب هذا النهج الجهات الفاعلة السيئة بدلآ من فرض مسؤولية فعلية على مجرد توفير أو إستخدام نظام ذكاء اصطناعي له أيضآ إستخدامات غير منتهكة , كما أن له فائدة إضافية تتمثل في ملاءمته للإطار التاريخي لقانون حقوق الطبع و النشر ، مع الحفاظ على مرونته الكافية للتكيف مع التقنيات الجديدة المبتكرة . 

و في حين أن إعتبار نظام الذكاء الإصطناعي منتهكآ مباشرآ لحقوق الطبع و النشر أمرآ مناسب بموجب مبدأ حقوق الطبع و النشر ، إلا أن هذا الإقتراح قد يكون له آثار سياسية أوسع نطاقآ على التفكير في المسؤولية القانونية في عصر الذكاء الإصطناعي حيث يقدم الذكاء الإصطناعي فوائد مغرية ، و لكن على حساب السيطرة و لتحقيق وعد تقنية قيمة تحديدآ بسبب إستقلاليتها المتزايدة يتعين على المحاكم النظر في التحول عن فرض مسؤولية صارمة دائمآ على مقدمي الخدمات أو المستخدمين و يمكن القول إن مقدمي الخدمات لا يستطيعون فعل الكثير لمنع المخرجات الضارة مسبقآ ، أو قبل حدوثها - على الرغم من أن أدوات مثل تعلم شبكة المعلومات التي تحاول رسم خريطة للصندوق الأسود ، يمكن أن تساعد في تتبع سبب حدوث مخرج معين حيث تعتبر ممارسات الصناعة بما في ذلك تصفية مطالبات أو مخرجات معينة و تقليل نسبة المخرجات التي تعيد إنتاج جزء معين من بيانات التدريب ، ممارسات مهمة لمواجهة الأضرار التي يسببها الذكاء الإصطناعي . و مع ذلك لا يمكن لمقدم الخدمة التنبؤ بكل مطالبة أو مخرج محتمل للمستخدم وتقييمها مسبقآ  و يتفاقم هذا النقص في القدرة على التنبؤ بسبب الطبيعة التكرارية للتعلم الآلي و إن تحويل تركيز القانون لتمكين التدابير اللاحقة مثل الإشعار و المراجعة قد يتجنب فرض تكاليف باهظة بشكل غير مبرر على الداخلين المحتملين إلى السوق مع الإستمرار في تحميل الجهات الفاعلة البشرية المسؤولية عندما تكون نواياها سيئة . 

كما قد يتطلب هذا التوازن بين المسؤولية المطلقة و المسؤولية الدقيقة إبداعآ في المحاماة ، بالإضافة إلى التحكيم و يتطلب إقتراحي لقانون حقوق الطبع و النشر تطبيقآ مبتكرآ للمسؤولية المباشرة و صقلآ للمسؤولية الثانوية و هذا يسمح لقانون حقوق الطبع و النشر بالحفاظ على مرونته و تكيفه مع الذكاء الإصطناعي و التقنيات الناشئة الأخرى ، التي ستستمر في التطور و ترهق حدود حقوق الطبع و النشر و مجالات أخرى من القانون كما أنه يبرز النية من خلال معاقبة مزودي و مستخدمي الذكاء الإصطناعي على إنخراطهم في أعمال سيئة النية تسهل التعدي , هذا يحقق توازنآ بين تنظيم و تشجيع التقنيات الجديدة ، بما يُصب في نهاية المطاف في مصلحة المجتمع  .

إرسال تعليق

0 تعليقات