إعادة توصيل الدماغ بعد الشلل باستخدام التعلم الآلي
واجهة الدماغ والحاسوب تعيد حاسة اللمس بإشارات لمسية
بعد أقل من عام على إصابته في الحبل الشوكي كان "إيان بوركهارت" مستعدآ لأي شيء قادم قبل أن يؤدى حادث غوص عام ٢٠١٠ إلى قطع عموده الفقري ، وفقد "بوركهارت" إثرها الإحساس والحركة أسفل العضلة ذات الرأسين , لكنه لم ييأس من إستعادة بعض هذه القدرات .
و كان يعمل مع أطباء و معالجين فيزيائيين في مركز ويكسنر الطبي بجامعة ولاية أوهايو لإدارة آثار إصابته و بعد بضعة أشهر من بدء العلاج بدأ يسأل فريق الرعاية الصحية عن خياراته .
حيث قال :: "أردت أن أعرف ما هو ممكن اليوم وما أتمناه في المستقبل"
و بعد ثلاث سنوات من إصابته تعرف على طريقة للمشاركة في رسم ملامح ذلك المستقبل و كان فريق من جامعة ولاية أوهايو و مستشفى باتيل يخطط لتجربة تجريبية لواجهة الدماغ والحاسوب (BCI) ، على بُعد بضعة مبان فقط من مكان تلقي بوركهارت للرعاية .
كما يقول "بوركهارت" :: "لقد سارت الأمور على ما يرام و كان المكان المناسب في الوقت المناسب" .
تم ربط الدماغ مباشرة بالعضلات
حيث يُعدّ الجهاز العصبي وسيلة الإتصال بين الدماغ وسائر أعضاء الجسم فهو ينقل الإشارات من و إلى الدماغ ، مما يسمح بالتواصل مع العضلات و الجلد فعندما تفكر في "إمساك القلم" ، توفر الأعصاب حاسة اللمس ، و تستجيب يدك بثني العضلات المناسبة للقيام بحركة قبض عند تلف الجهاز العصبي ، قد تمنع هذه الإشارات من الوصول إلى هدفها ، مما يؤدي إلى الشلل وفقدان الإحساس .
و تستخدم واجهات الدماغ و الحاسوب الرقمية (BCIs) أنظمة حاسوبية لتسجيل إشارات الدماغ وتحليلها وإرسالها على شكل أوامر إلى جهاز ينفذ إجراء ما , حيث يعمل العلماء منذ عقود على تطوير واجهات الدماغ والحاسوب للأشخاص الذين يعانون من الشلل , لكن هذه الأنظمة لا تزال محصورة في المختبرات في الغالب و يهدف فريق جامعة ولاية أوهايو و فريق باتيل ، ومجموعات أخرى إلى إبتكار جهاز محمول يمكن هؤلاء الأفراد من إستعادة بعض وظائفهم و إستقلاليتهم .
كما تم تصميم نظام "NeuroLife" الخاص بشركة Battelle لمساعدة Burkhart على إستعادة السيطرة الواعية على أصابعه ويده ومعصمه .
تحلل بعض واجهات الدماغ والحاسوب الرقمية (BCIs) الإشارات الكهربائية للدماغ بإستخدام مخطط كهربية الدماغ (EEG)، وهو نظام مزود بأقطاب كهربائية مثبتة على فروة الرأس لتسجيل نشاط الدماغ كما تمكن واجهات الدماغ والحاسوب (BCIs) القائمة على مخطط كهربية الدماغ (EEG) المشاركين من القيام بأشياء بسيطة مثل تحريك مؤشر على الشاشة بإستخدام أفكارهم فقط أو مهام متقدمة مثل التحكم في الأطراف الإصطناعية الروبوتية .
و تتطلب واجهات الدماغ والحاسوب الأخرى شرائح حاسوبية تزرع جراحيآ مباشرة في الدماغ , كما تحتوي هذه الشرائح على مجموعة من الأقطاب الكهربائية التي تسجل الإشارات من مجموعة صغيرة و لكنها محددة من الخلايا العصبية , على الرغم من أن هذه الأنظمة أكثر تدخلآ ، إلا أنها توفر دقة عالية حيث تسجل الأقطاب الكهربائية مباشرة من الخلايا المطلوبة , حيث إختار باحثو باتيل و جامعة ولاية أوهايو شريحة مزروعة لإعادة توصيل جزء محدد من القشرة الحركية للدماغ بعضلات يد بوركهارت المشلولة , كما صمم نظام باتيل المسمى NeuroLife ، لمساعدة بوركهارت على إستعادة السيطرة الواعية على أصابعه ويده ومعصمه .
في الدراسة السابقة ، مكنت واجهة الدماغ والحاسوب "بوركهارت" من تحريك يده و ذراعه
( أ ) -- موقع مصفوفة الأقطاب الكهربائية الدقيقة المزروعة ومكان تداخلها مع نشاط الخلايا العصبية أثناء حركات الذراع
( ب ) -- غلاف التحفيز الكهربائي العصبي العضلي
( ج ) -- نظام الالتفافية العصبية المستخدم
( د ) -- المخططات النقطية والمخططات البيانية لنشاط الخلايا العصبية التي تتوافق مع محاولة تحريك المعصم
نهج تدريجي ::---
لم تكن النسخة الأولى من نظام باتيل واجهة دماغية حاسوبية (BCI) على الإطلاق قبل خضوعه لجراحة زرع الشريحة ، و إختبر المريض "بوركهارت" الجهاز الذي يساعد عضلاته على الحركة ، والذي كان يتألف في تلك المرحلة من أقطاب كهربائية مثبتة على ذراعه فقط . و عندما طبقت الأقطاب الكهربائية تيارآ كهربائيآ خفيفآ على ساعده ، و أرسلت إشارات لعضلات محددة لتنشيطها و انثناءها .
و بدلآ من إستخدام أفكاره للتحكم في الجهاز ، قام جهاز كمبيوتر بتنشيط الأقطاب الكهربائية مما حفز حركة العضلات , و يقول "باتريك جانزر" كبير الباحثين العلميين في باتيل :: " أظهرت هذه المرحلة الأولى نتائج واعدة كافية دفعت إيان إلى الموافقة على المشاركة في مشروع البحث " .
كما تقول "مارسي بوكبرادر" الأستاذة المساعدة وطبيبة الطب الفيزيائي وإعادة التأهيل في جامعة ولاية أوهايو ، والباحثة الرئيسية في هذه التجربة :: " لم يكن لدى إيان أي شك في نجاح هذا كان دائمآ يفكر في كيفية استخدامه " .
و بعد بضع سنوات من إصابته وبمساعدة واجهة الدماغ هذه ، تمكن المصاب "بوركهارت" من تحريك يده لتمرير بطاقة ، وتحريك القهوة وحتى تشغيل نسخة من لعبة Guitar Hero .
و في عام ٢٠١٤ خضع بوركهارت لجراحة دماغية في مركز ويكسنر الطبي التابع لجامعة ولاية أوهايو لزراعة الشريحة هذه الشريحة بحجم حبة بازلاء تقريبآ من صنع شركة بلاك روك مايكروسيستمز مثبتة في القشرة الحركية وهي منطقة في الدماغ مسؤولة عن توليد الحركات الإرادية. يقول جانزر :: " تحتوي على أسلاك صغيرة تعمل كميكروفونات ؛ كل منها يستمع إلى عدد قليل من خلايا الدماغ " . و مع تركيب الشريحة، أصبح فريق البحث جاهزآ للعمل على المرحلة الثانية بواجهة أكثر تعقيدآ .
و بإستخدام منصة MATLAB®، طور الفريق خوارزميات تعلم آلي يمكنها فك تشفير أفكار المصاب "بوركهارت" أثناء تسجيل الشريحة لنشاط دماغه و لترجمة أفكار بوركهارت المتعلقة بتحريك يده إلى حركة إحتاج نظام نيورولايف إلى تجاوز الحبل الشوكي , كما تحفز تقنية التجاوز العصبي هذه عضلات يد بوركهارت عن طريق نقل إشارات الدماغ إلى جهاز كمبيوتر ، حيث تقوم الخوارزميات بفك تشفير الإشارات وتحويلها إلى أوامر تتحكم هذه الأوامر بنشاط غلاف من الأقطاب الكهربائية يلتف حول ساعد المصاب "بوركهارت" محفزة عضلاته على تحريكها وفقآ لأفكاره .
و بعد بضع سنوات من إصابته وبمساعدة واجهة الدماغ والحاسوب الرقمية هذه ، تمكن المصاب "بوركهارت" من تحريك يده لتمرير بطاقة، وتقليب القهوة، وحتى عزف نسخة من لعبة غيتار هيرو® , كما يقول "بوكبرادر" :: " كان إيان هو الدافع وراء كل هذه الابتكارات في النهاية , لم يكن راضيآ ، وكان دائمآ خائفآ و يفكر فيما سيأتي بعد ذلك " لكن المشروع إكتمل بنجاح و على خير .
0 تعليقات