عالم رياضيات روسي ينشر بحثآ بهدوء يحل فيه إحدى أشهر الفرضيات غير المحلولة
في يوم بارد من شهر نوفمبر، نشر رجل يعيش بهدوء في روسيا بحثآ على سيرفر عام .
نشره "جريشا بيرلمان" بعنوان "صيغة الإنتروبيا لتدفق ريتشي و تطبيقاته الهندسية"، و كان أساسآ لواحد من أهم البراهين الرياضية .
كانت هذه الورقة البحثية الأولى من ثلاث نشرت خلال العام ، لحل فرضية بوانكاريه القديمة ، و هي فرضية طرحها هنري بوانكاريه قبل قرن تقريبآ .
ببساطة، إفترض بوانكاريه أنه إذا أخذت أي نوع من أشكال الفضاء ثلاثي الأبعاد - و رسمت عليه حلقة ثنائية الأبعاد فإذا إستطعت تقليص تلك الحلقة إلى نقطة واحدة دون كسر الحلقة أو الشكل، فإن الفضاء يعادل رياضيآ الكرة .
كان إثبات هذه الفرضية أمرآ بالغ الأهمية في علم الطوبولوجيا، وهو الدراسة الرياضية للأشكال حل عالم الرياضيات ستيفن سميل هذه الفرضية في خمسة أبعاد عام 1961، وحصل على ميدالية فيلدز المرموقة في الرياضيات. لكن تبيّن أن حالة الأبعاد الثلاثية هي الأصعب .
في ثمانينيات القرن الماضي، أقترح ريتشارد هاميلتون عالم الرياضيات في جامعة كولومبيا حل هذه الفرضية بإستخدام تقنية رياضية تسمى تدفق ريتشي، والتي كانت مفيدة لنظرية أينشتاين في النسبية العامة، وكذلك لنظرية الأوتار .
و في عام 2006، شبه مراسل صحيفة نيويورك تايمز دينيس أوفرباي تقنية تدفق ريتشي بإستخدام حرارة مجفف الشعر لتنعيم الغلاف البلاستيكي وةبالمثل، يمكن لتدفق ريتشي تنعيم التجاعيد و الإنحناءات و إختزال شكل معقد إلى شكل أكثر جوهرية .
عمل تدفق ريتشي على تبسيط الأشكال الدائرية إلى كرات، لكن التفردات - نقاط ذات كثافة لا نهائية - إستمرت في الظهور بأشكال أكثر تعقيدآ . يمكن لعلماء الطوبولوجيا إجراء نوع من "العملية الجراحية" لإستئصال هذه التفردات ولكن لا يزال هناك إحتمال أن تستمر التفردات في الظهور إلى الأبد .
حل عمل بيرلمان مشكلة التفرد ، كان بيرلمان (اسمه الأول غريغوري، ويكتب أيضآ غريغوري وكان غريشا لقبآ له) قد أمضى العقد الماضي في إجراء أبحاث ما بعد الدكتوراه في الولايات المتحدة في عدة مؤسسات و في منتصف التسعينيات رفض زمالات رياضية مرموقة للغاية في الولايات المتحدة و أوروبا و عاد إلى سانت بطرسبرغ و تولى منصبآ في معهد ستيكلوف للرياضيات .
إنحسر بيرلمان عن العالم بعد عودته إلى روسيا في منتصف و أواخر التسعينيات ، و ظن العديد من زملائه أنه ترك الرياضيات تمامآ .
ثم نشر بيرلمان بحثه عام 2002 و خلال العام التالي نشر بحثين آخرين و ألقى سلسلة من المحاضرات في العديد من جامعات الساحل الشرقي، شارحآ طريقته ثم إختفى عن الأنظار مرة أخرى .
أظهر عمل بيرلمان أن جميع التفردات تختزل في الواقع إلى أشكال بسيطة، كالكرات أو الأنابيب، و أنه إذا استطعت إتباع عملية ريتشي حتى نهايتها، فستجد الشكل ثلاثي الأبعاد مختزلآ إلى كرة حيث أثبت بيرلمان فرضية بوانكاريه، لكن الأمر إستغرق بضع سنوات أخرى حتى يتعمق علماء الرياضيات في براهينه الرائعة و المبتكرة و التقنية للغاية و يؤكدوا أن هذه المشكلة الطبوغرافية الكبرى قد حلت بالفعل بواسطة هذا الرجل الشغوف .
و في عام 2006، نشر عالما الرياضيات جون مورغان وغانغ تيان ورقة بحثية من 473 صفحة تظهر أن عمل بيرلمان، بناءآ على عمل هاملتون، قد أثبت بالفعل هذه الفرضية المراوغة .
عرض على بيرلمان ميدالية فيلدز المرموقة وجائزة كلاي ميلينيوم للرياضيات، والتي جاءت مع جائزة قدرها مليون دولار. رفضهما، بسبب إعتراضات على كيفية منح الفضل لحل المسألة، حسبما ورد .
كما إستقال بيرلمان من منصبه في معهد ستيكلوف عام 2005، ومنذ ذلك الحين يتجنب الأضواء بشدة ليس من الواضح ما إذا كان لا يزال يدرس الرياضيات في شقته بسانت بطرسبرغ، حيث قال جيرانه إنه كان يعتني بوالدته المسنة منذ أوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين .
و عندما حاول أحد المراسلين الاتصال به عام 2010، رفض إجراء مقابلة قائلآ :: " أنت تزعجني ، أنا أقطف الفطر " .

0 تعليقات