هل نحن عقلانيون حقآ ؟؟ الذكاء الاصطناعي يتحدى اعتقادآ علميآ راسخآ
و لطالما درس العلماء كيفية إتخاذ البشر و الحيوانات للقرارات و غالبآ ما ركزوا على كيفية تأثير التجارب الحديثة و التجربة و الخطأ على السلوكيات , لكن النماذج التقليدية قد تغفل عن جوانب رئيسية في كيفية إتخاذ القرارات و يرجع ذلك إلى حد كبير إلى إفتراضها أن الأفراد يحاولون دائمآ إختيار الخيار الأكثر منطقية أو فائدة بناءآ على النتائج السابقة .
في دراسة جديدة إتبع الباحثون نهجآ مختلفآ بإستخدام الذكاء الإصطناعي لإستكشاف عملية صنع القرار بطريقة أكثر واقعية حيث أنشأوا شبكات عصبية إصطناعية صغيرة لدراسة العوامل التي تؤثر حقآ على خيارات الفرد سواء كانت هذه القرارات فعالة أم لا .
حيث يوضح "مارسيلو مطر" الأستاذ المساعد في قسم علم النفس بجامعة نيويورك و أحد مؤلفي البحث المنشور في "مجلة نيتشر" :: "أنه بدلاً من إفتراض كيفية تعلم الأدمغة لتحسين قراراتنا طورنا نهجآ بديلآ لإكتشاف كيفية تعلم كل أدمغة على حدة إتخاذ القرارات" , و يضيف أيضآ :: "أن هذا النهج يعمل كالمحقق ، كاشفآ كيف تتخذ الحيوانات و البشر القرارات فعليآ بإستخدام شبكات عصبية دقيقة - صغيرة بما يكفي لفهمها و لكنها قوية بما يكفي لإلتقاط السلوكيات المعقدة - إكتشفنا إستراتيجيات صنع قرار أغفلها العلماء لعقود طويلة " .
شبكات عصبية صغيرة رؤى واسعة ::--
يشير مؤلفو الدراسة إلى أن الشبكات العصبية الصغيرة - وهي نسخ مبسطة من الشبكات العصبية المستخدمة عادة في تطبيقات الذكاء الإصطناعي التجارية - قادرة على التنبؤ بخيارات الحيوانات بشكل أفضل بكثير من النماذج المعرفية التقليدية التي تفترض السلوك الأمثل نظرآ لقدرتها على كشف الأنماط السلوكية غير المثالية في المهام المختبرية , كما تضاهي هذه التنبؤات جودة تلك التي تقدمها الشبكات العصبية الأكبر , مثل تلك المستخدمة في تطبيقات الذكاء الإصطناعي التجارية .
و يضيف المؤلف "جي آن لي" طالب الدكتوراه في برنامج الدراسات العليا في علوم الأعصاب بجامعة كاليفورنيا سان دييغو :: "أنه من مزايا إستخدام الشبكات العصبية الصغيرة جدآ أنها تمكننا من إستخدام أدوات رياضية لتفسير الأسباب أو الآليات الكامنة وراء خيارات الفرد بسهولة و هو أمر كان ليكون أكثر صعوبة لو إستخدمنا شبكات عصبية كبيرة مثل تلك المستخدمة في معظم تطبيقات الذكاء الاصطناعي" .
و يقول الكاتب "ماركوس بينا" الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية العلوم البيولوجية بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو :: "أن الشبكات العصبية الكبيرة المستخدمة في الذكاء الإصطناعي بارعة في التنبؤ بالأمور و الأسباب" و يضيف أيضآ :: "أنه على سبيل المثال يمكنها التنبؤ بالفيلم الذي ترغب بمشاهدته تاليآ ومع ذلك من الصعب جدآ وصف الإستراتيجيات التي تستخدمها نماذج التعلم الآلي المعقدة هذه لتوقع التنبؤات بإيجاز - مثل سبب إعتقادها بأنك ستحب فيلمآ ما أكثر من الآخر , و من خلال تدريب أبسط إصدارات نماذج الذكاء الإصطناعي هذه على التنبؤ بخيارات الحيوانات و تحليل ديناميكياتها بإستخدام أساليب فيزيائية يمكننا تسليط الضوء على آليات عملها الداخلية بمصطلحات أسهل فهمآ" .
ما وراء المختبر تطبيقات واقعية ::--
إن فهم كيفية تعلم الحيوانات و البشر من التجارب لإتخاذ القرارات ليس هدفآ أساسيآ في العلوم فحسب بل هو مفيد أيضآ ، على نطاق أوسع في مجالات الأعمال و الحكومة و التكنولوجيا ومع ذلك فإن النماذج الحالية لهذه العملية نظرآ لهدفها في تصوير عملية إتخاذ القرار الأمثل , غالبآ ما تفشل في رصد السلوك الواقعي .
و بشكل عام تطابق النموذج الموصوف في دراسة "مجلة نيتشر" الجديدة مع عمليات إتخاذ القرار لدى البشر و الرئيسيات غير البشرية و فئران التجارب و الجدير بالذكر أن النموذج تنبأ بقرارات دون المستوى الأمثل مما يعكس بشكل أفضل طبيعة عملية إتخاذ القرار في العالم الواقعي - على عكس إفتراضات النماذج التقليدية التي تركز على شرح عملية إتخاذ القرار الأمثل , علاوة على ذلك تمكن نموذج علماء جامعة نيويورك و جامعة كاليفورنيا في سان دييغو من التنبؤ بعملية إتخاذ القرار على المستوى الفردي كاشفآ كيف يستخدم كل مشارك إستراتيجيات مختلفة للوصول إلى قراراته .
كما أحدثت دراسة الفروق الفردية في الخصائص الجسدية ثورة في الطب ، فإن فهم الفروق الفردية في إستراتيجيات إتخاذ القرار قد يحدث نقلة نوعية في نهجنا تجاه الصحة العقلية و الوظائف الإدراكية كما يخلص الأستاذ مطر .
المرجع :: "اكتشاف الاستراتيجيات الإدراكية باستخدام الشبكات العصبية المتكررة الصغيرة" بقلم لي جي آن و ماركوس بينا و مارسيلو مطر , 2 يوليو 2025 , مجلة نيتشر .
0 تعليقات