جهاز غامض يبلغ عمره 80 عامآ هو المفتاح لإطلاق العنان لكامل إمكانات الذكاء الاصطناعي اليوم

 قد يكون هذا الجهاز الغامض، الذي يبلغ عمره 80 عامًا، مفتاحًا لإطلاق العنان لكامل إمكانات الذكاء الاصطناعي اليوم 

قبل سنوات عديدة و قبل ظهور الإنترنت أو الذكاء الإصطناعي بوقت طويل كان مهندس أمريكي يدعى "فانيفار بوش" يحاول حل مشكلة ما , أدرك مدى صعوبة البحث في أي شيء على المحترفين و رأى إمكانية إيجاد طريقة أفضل لحل المشكلات .

كان ذلك في أربعينيات القرن الماضي عندما كان على كل من يبحث عن مقالات أو كتب أو سجلات علمية أخرى الذهاب إلى المكتبات و البحث في فهرسها , و هذا يعني أدراج تلو أدراج مليئة ببطاقات الفهرسة ، المرتبة عادة حسب المؤلف أو العنوان أو الموضوع .

و بعد العثور على ما تبحث عنه كان إنشاء نسخ أو مقتطفات مهمة عملية يدوية شاقة كان عليك أن تكون شخصآ منظمآ للغاية في حفظ سجلاتك الخاصة و ويل لمن يعمل في أكثر من تخصص بما أن كل كتاب لا يمكن أن يوجد فعليآ إلا في مكان واحد كان لا بد من تصنيفها جميعآ تحت موضوع رئيسي واحد لذلك لا يمكن لمقالة تتناول فن الكهوف أن تتواجد في مجال الفن و علم الآثار معآ و غالبآ ما يهدر الباحثون وقتآ إضافيآ في محاولة العثور على الموقع الصحيح . 

كما تصور العالم بوش أن المستخدم سينشئ الروابط بين العناصر أثناء تطويره لمكتبته البحثية الشخصية ، منشئآ سلاسل من إطارات الميكروفيلم حيث يمكن أن يكون المستند أو المقتطف نفسه جزءآ من مسارات متعددة في الوقت نفسه .

و يمكن إضافة إضافات جديدة إما بتصويرها على ميكروفيلم أو بشراء ميكروفيلم لوثيقة موجودة. في الواقع سيتمكن المستخدم من تعزيز  الميمكس الخاص به بنصوص مرجعية واسعة , كما قال بوش :: " ستظهر أشكال جديدة من الموسوعات جاهزة بشبكة من المسارات الترابطية التي تمر عبرها جاهزة لإدراجها في الميمكس". و من المثير للإهتمام أن هذا ليس بعيدآ عن منصة ويكيبيديا اليوم . 


إلى أين قادت الأمور ؟؟؟

إعتقد بوش أن "الميمكس" سيساعد الباحثين على التفكير بطريقة طبيعية و ترابطية تنعكس في سجلاتهم و يعتقد أنه ألهم المخترعين الأمريكيين مثل تيد نيلسون و دوغلاس إنجلبارت ، اللذين طورا بشكل مستقل في ستينيات القرن الماضي أنظمة "نص تشعبي" ، تحتوي فيها المستندات على روابط تشعبية تتيح الوصول المباشر إلى مستندات أخرى . و قد أصبحت هذه الأنظمة أساس شبكة الإنترنت العالمية كما نعرفها اليوم .

إلى جانب الجوانب العملية لسهولة الوصول إلى هذا الكم الهائل من المعلومات إعتقد بوش أن القيمة المضافة لل"ميمكس" تكمن في تسهيل عملية معالجة الأفكار و إثارة أفكار جديدة على المستخدمين . و قد ميز مقاله بين التفكير المتكرر و الإبداعي و توقع ظهور " وسائل مساعدة ميكانيكية قوية " جديدة قريبآ للمساعدة في التعامل مع هذا النوع من التفكير المتكرر .

و ربما كان يفكر في الرياضيات في المقام الأول لكنه ترك الباب مفتوحآ أمام عمليات تفكير أخرى و بعد 80 عامآ و مع توافر الذكاء الإصطناعي اليوم ، أصبحنا نؤتمت أو نؤرشف عمليات تفكير أكثر بكثير مما كان ممكنآ سابقآ بإستخدام الآلات الحاسبة . 

إذا بدا هذا و كأنه نهاية سعيدة فإن العالم بوش لم يبد متفائلآ بشكل مفرط عندما أعاد النظر في رؤيته الخاصة في كتابه " أجزاء من العمل " الصادر عام ١٩٧٠ , خلال السنوات الخمس والعشرين التي تلت ذلك ، شهد تقدمآ تكنولوجيآ في مجالات مثل الحوسبة مما جعل ال"ميمكس" أقرب إلى الواقع بكثير .

و مع ذلك شعر بوش أن التكنولوجيا قد أخطأت إلى حد كبير في تحقيق المقصد الفلسفي لرؤيته - و هو تعزيز التفكير و الإبداع البشري :: 

و في عام ١٩٤٥، حلم بوش بآلات تفكر معنا لكن الآن نرى آلات تفكر نيابة عنا - أو ما هو أسوأ من ذلك ، تتحكم بنا و ربما القادم أسوأ .

سيتوفى بوش بعد أربع سنوات فقط عن عمر يناهز ٨٤ عامآ ، لكن هذه المخاوف لا تزال ذات صلة وثيقة باليوم . في حين أنه من الرائع أننا لسنا بحاجة إلى البحث عن كتاب بتقليب بطاقات الفهرسة في الأدراج و المكتبات إلا أننا قد نشعر بقلق أكبر تجاه قيام الآلات بمعظم التفكير نيابة عنا .

إرسال تعليق

0 تعليقات